تكاليف التعليم في ألمانيا تثقل كاهل الأسر .. ما يصل إلى 20 ألف يورو لكل طفل والعدالة التعليمية على المحك


 

مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد بعد العطلة الصيفية، تواجه العديد من الأسر في ألمانيا تحديات مالية كبيرة، لا تقتصر على شراء المستلزمات المدرسية، بل تمتد لتشمل الرحلات الصفية، الأجهزة اللوحية، والكتب. ووفقًا لتحليل لموقع المقارنات الألماني “Idealo”، قد تصل كلفة التعليم من الصف الأول حتى الثانوية العامة إلى حوالي 20,700 يورو لكل طفل.

وبحسب بيانات صادرة عن المكتب الاتحادي للإحصاء، ارتفعت أسعار الكتب المدرسية في يونيو 2025 بنسبة 3.8% مقارنة بالعام السابق، وهي نسبة تفوق معدل التضخم العام البالغ 2%.

مبدأ “التعليم المجاني”… ولكن بشكل جزئي

رغم أن مبدأ “حرية توفير الوسائل التعليمية” قائم في المدارس الحكومية الألمانية، إلا أن التطبيق يختلف من ولاية إلى أخرى. ففي حين تُقدم بعض الكتب مجانًا، تتحمل الأسر تكاليف أجهزة مثل الأجهزة اللوحية (Tablets) أو الحواسيب المحمولة (Laptops) التي أصبحت ضرورية في العديد من المدارس.

وتحذر رئيسة جمعية VdK الاجتماعية، فيرينا بينتِله، من أن ارتفاع التكاليف يجعل التعليم شبه مستحيل لأسر ذات الدخل المحدود أو للأمهات والآباء العازبين، مشيرة إلى أن فجوة التعليم في تزايد مستمر.

الفجوة الرقمية تزيد التفاوت

يُتوقع من التلاميذ في العديد من المدارس استخدام أجهزة رقمية سواء في الفصل أو المنزل. ورغم أنه من الناحية القانونية لا يجوز فرض شراء أجهزة، إلا أن الواقع العملي يجعل من امتلاكها أمرًا شبه ضروري للقيام بالوظائف، الأبحاث، والوصول إلى المنصات التعليمية.

غير أن الواقع يكشف تفاوتًا حادًا: فبعض المدارس توفر أجهزة للتلاميذ، لكن بكميات محدودة لا تكفي الجميع، وغالبًا ما لا يُسمح بأخذها إلى المنزل، مما يُضعف فرص الأطفال المحرومين من امتلاك أجهزة خاصة.

غيرهارد براند، رئيس اتحاد التعليم والتربية (VBE)، أوضح أن “الطالب الذي يُطلب منه استكمال دراسته في المنزل يحتاج إلى جهاز، واتصال بالإنترنت، وأحيانًا طابعة، وكل ذلك لا يُغطيه الدعم التعليمي المجاني”، محذرًا من أن “الفجوة الاجتماعية تتسع”.

من يدفع أكثر… يحظى بفرص أفضل

ووفقًا لإحصاءات المكتب الاتحادي، تنفق الأسر ذات الدخل المرتفع ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما تنفقه الأسر ذات الدخل المحدود على التعليم – بما يشمل الدعم المدرسي، التجهيزات، والأنشطة اللاصفية. ويرى الخبراء أن هذا الواقع يُكرّس التمييز الطبقي في فرص التعليم.

بينتِله تؤكد أن “النظام التعليمي الحالي يفترض قدرة الأهالي على توفير الوقت والمال لدعم أبنائهم، وهذا ليس متاحًا للجميع”. أما براند فيرى أن الفصل بين “طبقتين من الطلاب” بات واضحًا: من ينتمي لعائلة ميسورة، ومن لا.

ويطالب اتحاد المعلمين بدعم اتحادي مستدام وشامل، وليس عبر برامج مؤقتة مثل “الميثاق الرقمي”، مشيرًا إلى أن العديد من البلديات غارقة في الديون ولا تستطيع تجهيز مدارسها كما يجب.

الدعم موجود.. لكن لا يصل للجميع

رغم وجود برامج دعم مثل “حزمة التعليم” التي تُقدّم مساعدات لأسر تتلقى إعانات حكومية، إلا أن الاستفادة منها ليست مضمونة. فهناك أسر ترفض التقديم خجلًا أو جهلًا بوجود هذا الخيار، مما يؤدي إلى حرمان الأطفال من فرص متكافئة.

العدالة التعليمية.. مبدأ نظري يصطدم بالواقع

بينما تبقى “فرص التعليم المتكافئة” من المبادئ الأساسية للدستور الألماني، إلا أن التكلفة لا تزال حائلًا كبيرًا أمام تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع، حيث يظل التعليم في ألمانيا – إلى حد كبير – رهين مستوى الدخل، والولاية، ودعم المدارس.

 

 







Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.
Address
Enable Notifications OK No thanks