Physical Address
Indirizzo: Via Mario Greco 60, Buttigliera Alta, 10090, Torino, Italy
Physical Address
Indirizzo: Via Mario Greco 60, Buttigliera Alta, 10090, Torino, Italy
في تحرك لافت يُقرأ على أنه محاولة لإعادة التموضع في المشهد السياسي السوري الجديد، أصدر مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين بياناً وضّح خلاله موقفه من المرحلة الانتقالية، داعياً إلى بناء دولة مدنية حديثة بمرجعية إسلامية وسطية، في خطوة تُعيد طرح سؤال الهوية والمشروع السياسي للتيارات الإسلامية في سوريا.
وجاء البيان في وقت تشهد فيه العلاقات بين التيارات الإسلامية توتراً متصاعداً، لا سيما بين الجماعة والسلطة القائمة، ما يطرح تساؤلات جوهرية: هل يُمثّل هذا الموقف انفصالاً تدريجيًا عن النهج الحالي؟ أم مجرد تكتيك لإعادة التموقع قبل أن تُهمش الجماعة نهائياً؟.
وأكد المجلس على وحدة الأراضي السورية، ورفضه القاطع لأي تغيير ديموغرافي، وشدد على ضرورة تمتع جميع المكونات بحقوق المواطنة الكاملة.
وأعلن أن الجماعة ستكون “داعماً ناصحاً أميناً” لعملية بناء الدولة المدنية الحديثة، مشدداً على أن نجاح الثورة يتطلب سدّ الثغرات، وتحقيق التوازن بين المبادئ والواقع السياسي”.
وأكد أن العدالة الانتقالية شرط أساسي للسلم الأهلي والاستقرار، ودعا إلى إشراك جميع المكونات السورية في بناء الدولة ضمن برنامج سياسي تعددي، ينتهي بانتخابات نيابية حرة ونزيهة.
كما شدد البيان على ضرورة تبني خطاب العيش المشترك، والابتعاد عن التحريض الطائفي، ودعا إلى إعادة بناء جسور الثقة عبر ثقافة مشتركة تُعزز السلم الأهلي.
وأشاد بـ”السوريين الواعين” الذين رفضوا الانجرار إلى الفتنة الطائفية، ونبّه من استخدام “حماية الأقليات” كذريعة للتدخلات الخارجية.
وأعلن المجلس أنه أقرّ وثيقةً تعكس رؤية الجماعة للعيش المشترك، تتضمن مبادئ ضامنة للسلم الاجتماعي، دون مساس بالهوية والتاريخ السوري.
وأكد البيان على “الاستقلال الوطني للجماعة، وسياستها الإسلامية الوسطية، مع توجيه إدانة للعدوان الإسرائيلي المستمر على سوريا، وتحذير من محاولات إيران “العبث باستقرار البلاد”، ودعمها لفلول النظام السابق”.
ووجّه شكره لتركيا وقطر والسعودية والأردن، على دعمها الإنساني والسياسي للشعب السوري، في خطوة تُقرأ على أنها محاولة لكسب شرعية إقليمية، وتوسيع دائرة التحالفات.
وقال مراقبون وسياسيون لـ”يورونيوز”، إن البيان “حمّال أوجه”، ويحمل دلالات متعددة، لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق السياسي الدقيق الذي تمر به سوريا اليوم.
وأشار أحد المراقبين إلى أن “التركيز على مصطلح الدولة المدنية والتعددية السياسية والانتخابات الحرة، يأتي في وقت لم تُجرَ فيه أي استشارات وطنية حقيقية حول مستقبل النظام السياسي، بل على العكس، تم تشكيل هيئات برلمانية من قبل الجهة الحاكمة دون تمثيل حقيقي لقوى المعارضة أو التيارات السياسية الأخرى”.
وتساءل: “كيف تؤيد الجماعة التعددية والانتخابات الحرة، بينما البرلمان تم تشكيله بقرار مركزي؟ أليس هذا تناقضاً صريحاً؟”
وأضاف: “التحية المفرطة للدول الداعمة، خصوصاً تركيا وقطر والسعودية، تُقرأ على أنها محاولة لكسب الشرعية الدولية، وربما تمهيد لدور مستقبلي في المشهد السياسي، لكن التاريخ القريب يُظهر أن الإخوان المسلمين والسلطة الحالية يشتركون في جذور أيديولوجية وتنظيمية مشتركة، ما يجعل مصداقيتهم كـ”بديل” مشكوكاً فيها”.
التوقيت، بحسب المراقبين، هو العامل الأبرز الذي يثير الشكوك. فإطلاق بيان بهذا الحجم، وبهذه الصيغة، يأتي بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق، ما يوحي بأن هناك تنسيقاً غير معلن، أو على الأقل رغبة في إرسال رسائل متعددة الأهداف: للداخل، للإقليم، وللشريك التركي.
وأوضح أحد المحللين: “السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا الآن؟ هل لأن الجماعة شعرت بانحسار نفوذها؟ أم لأنها تسعى لإعادة التموقع قبل أن تُهمش نهائياً؟”
وأضاف: “قد يكون هذا البيان محاولة للانسلاخ عن الصورة النمطية للإخوان، أو حتى ‘تبييض الصفحة’، والظهور كطرف مسؤول وواعٍ، في مواجهة سلطة يُراد تصويرها على أنها تنهار من الداخل. لكن هل يُصدق السوريون أن هناك فرقاً جوهرياً بين هذا الطرف وتلك السلطة، خصوصاً في المنهج والرؤية؟”.
ورغم أن البيان لم يُصدر أي انتقاد مباشر للسلطة القائمة، ولا تضمن أي تباين فقهي أو سياسي صريح مع رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، إلا أن صيغته، وتوقيته، وطبيعة التحالفات التي رسمها، تفتح الباب أمام قراءات متعددة.
فهل هو مجرد محاولة لكسب الوقت، كما يرى البعض؟ أم بداية لانفصال تدريجي بين التيارات الإسلامية في المشهد السوري؟ أم أن “السلطة” باتت أهم من “الدين” في أولويات الجماعة، كما يُفهم من محاولة التماهي مع الواقع السياسي القائم دون تغيير جوهري في الخطاب؟. (EURONEWS)